لا مفر من الحب

اسمي منار ابنة عائلة مرموقة في البلدة وهذه القصة عني و عن مدرسي قصة تروي عن انسانان تركهما الرب عاجزان يحاربان القدر و يجعلا من المستحيل ممكنا , الحياة مختلفة في قصتي ففي داخلي أصوات تتحول الى صمت و ضوء يتحور الى ظلام فهذه الدنيا لا تسمع و لا ترى لدنياي اسم واحد فقط وهو أسود
كم تستطيعون العيش في الظلام كم يوما كم ساعة كم دقيقة و كم ثانية ؟ أنا عشت 30 سنة كلها و الان سأخبركم عن قصتي انا فتاة عمياء تعرفت على الظلام في عمر الثانية و في تلك الليلة تركت السعادة بيتنا حيث جاء الطبيب الى منزلنا و أخبر والدي أنني صماء و عمياء في نفس الوقت و أنه لا يوجد دواء أو شيء لعلاجي من هذا الداء أخذت أمي تصرخ و تبكي لكي أسمعها أو أنظر اليها لكن بدون جدوى فانا فتاة بكماء و صماء بسبب مرضي كبرت و انا اكره كل شيء بما فيه امي و ابي , حياتي , كنت أفتعل المشاكل و أتسبب في الاذى للاخرين رغم مرضي الا انني كنت غاية في الذكاء وهذا ما جعل ابي ينفر مني و يطلب من امي أخذي الى مشفى الامراض العقلية لانه يخاف و لا يستطيع رعايتي لكن امي رفضت و بشدة هذا القرار و قررت ان تحضر لي معلما لكي يخرجني مما انا عليه شخص يفهم ما بداخلي و يحس بمشاعري و هكذا طلبت في ارسال معلم يمكن ان يفعل هذا و هذا المعلم كان هو ماهر فقد كان يقطن في قرية بعيدة عنا و يعيش وحيدا يؤنس وحدته بالظلام مثلي تماما فقد كان يكسب الاشخاص العمياء و الصم حياة جديدة و ذلك باختراعه للغة اشارة جديدة لغة يفهمها بينهم فقط
وهكذا جاء الى منزلنا وعندما رآني أحبني و اخذ يلهو و يلعب معي لكنني بادرته بالعنف و الضرب لانني لم اكن اسمح لاحدهم بان يستلطفني او يشفق علي كنت عنيفة و عنيدة و لا أردخ لاي احد كيفما كان لكن هذا المعلم كان اعنف مني فقد كان يمسك بكلتا يداي و يحاول تعليمي الادب و التربية بوضعه ليدي امام فمه و نطقه للكلمات و اخذه ليدي و امساكي الاشياء بعدها و لم يكن يعاملني بلطف او شفقة فقد كان شديدا في تعليمه لي في البداية لم احبب هذا الاسلوب و كنت اقاتل من اجل الا اتركه يعلمي كما يشاء لكنني ادركت بعدها ان هذا لصالحي فقد تعلمت منه كيف أجلس و آكل بهدوء و كيف أستخدم الملعقة و السكين في طعامي و كيف أرتدي و أصفف شعري .. وعدة أشياء أخرى و هكذا أدركت أنه و بالفعل أخرجني من الظلام الى النور و انه احبني و منحني الحب والطمأنينة و  السلام بداخلي لكن الأيام الجميلة لا تدوم طويلا فقد أصيب أستاذي بمرض الزهايمر و نسي كل شيئ بما فيه أنا ورحل عني بعيدا
كنت أنتظر مدرسي كل يوم على مدار 11 سنوات قرب الشاطئ كل رشفة تلج تسقط علي تذكرني به كل ادعيتي كانت من اجل ان يعود الي يوما ما وذات يوم وفي يوم ممطر كنت عائدة الى المنزل مع مرافقتي و اذا بها تلمح المعلم ماهر وهو امام المنزل في حالة يرثى لها فاخبرتني ان المعلم قد عاد لم احس بنفسي حتى بدات بالركض نحوه بالرغم من انني لا ارى الا انني اشعر و بدات في الصراخ : معلمي معلمي و عانقته بشدة لم يسبق لها مثيل كيف لا ؟ و أنا التي انتظرت 11 سنة لأحضنه هكذا
اليوم عاد الي معلمي من جديد تماما بعد مضي 11 سنة ولكن كان قد نسي كل شيء حتى أنه نسيني و لذلك أحكي لكم هذه الحكاية من اجله
عندما جاء الى البلدة أخذ الى المصحة لأنه كان يعاني من مرض الزهايمر في مرحلة متقدمة لم يجد الأطباء أي شيء لعلاجه ذهبت   الى المصحة التي كان يقطن فيها حتى أحدثه و أروي له عن حكاياتنا لعله يتذكرني لكن كان ذلك دون اي جدوى و لكنني لم استسلم  فكما أخرجني من الظلام الذي كان بداخلي سأخرجه و أذكره بي سأذكره بالحب و الأمان الذي منحني اياهما

وهكذا القدر جمع روحين غريبين في مكان واحد و الرب تركني ناقصة اما هو فقد كان محاربا تعبا لن انسى فضلك علي فانا كنت انتظر في ظلمتي و انت كنت تحضر الي النور

Commentaires